يتعاون برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي مع مكتب الأمم المتّحدة المعني بالمخدرات والجريمة منذ 2008 من أجل إحياء "اليوم العالمي لمكافحة الفساد"، وذلك من خلال حملة عالمية مشتركة، جاءت هذا العام تحت شعار "حطموا سلسلة الفساد". تركّز الحملة في 2014 على ضرورة تفعيل العمل على مكافحة الفساد للحدّ من آثاره السلبية على الديمقراطيّة وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان وتنافسية الأسواق وجودة الحياة والقدرة على محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب والتهديدات الأخرى لأمن الانسان.
شهدت الحملة هذا العام مشاركة نشطة من 14 بلدًا عربيًا على الأقل، وبرز دور رياديّ لأعضاء "الشبكة العربيّة لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد" في هذا المجال. في بيانه، بهذه المناسبة، صرّح رئيس الشبكة، ووزير العدل في لبنان، السيد أشرف ريفي قائلًا "لا يخفى على أحد الأوضاع الصعبة التي تمرّ بها منطقتنا العربية، ولا يخفى كذلك أن الفساد سببٌ في ما يجري (...) فمن دون مسارات إصلاحية عميقة وشاملة سيصعب علينا اجتياز هذه المرحلة ومواكبة تطلعات شعوبنا نحو حياة افضل".
وكعادته في كل عام، أسهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في إحياء هذه المناسبة على امتداد المنطقة العربية، فنظّم وشارك في عدد من النشاطات المتنوعة مساعدًا بذلك على توسيع انتشار الحملة ووصولها إلى عدد أكبر من الناس، وذلك بتنسيق ودعم فني من جانب مشروعه الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية.
في تونس، على سبيل المثال، نظّم البرنامج نشاطًا كبيرًا حضره أكثر من 180 مشاركًا، يضمّون وزراء ونشطاء في المجتمع المدني، تباحثوا في الوضع الحالي للفساد في تونس وسبل المضي قدمًا في مواجهته، وتركّزت نقاشاتهم على النزاهة ودور البرلمان، والفساد في قطاع الصحة، وتفعيل مدونة سلوك الموظفين العموميين، والخطوات اللازمة لاستكمال تشريعات مكافحة الفساد، وسبل تعزيز دور المجتمع المدني. وقد ثمّن الممثل المقيم للبرنامج في تونس، السيد منير تابت، في كلمته الإفتتاحية، الدور المتميّز الذي تلعبه مختلف الجهات المعنية في التوعية ضد الفساد ومكافحته، مؤكّدًا التزام الأمم المتحدة بدعم هذه الجهود في إطار الدستور الجديد للبلاد.
واختار برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في لبنان وفلسطين التركيز على دور الشباب في مكافحة الفساد، وذلك بدعم من مبادرة البرنامج العالمية لمكافحة الفساد، فنظّم مكتب البرنامج في لبنان، بالتعاون مع الجامعة الأنطونية، مسابقة للطلاب قدّموا خلالها أوراقًا بحثيّة بشأن الفساد في لبنان، وعقدا معًا ندوة لتقديم الأوراق واختيار الفائزين، حيث تمكّن الطلاب أيضًا من التفاعل مع عدد من أبرز المعنيين بملف مكافحة الفساد في البلاد. في كلمته أثناء الحفل، أكّد الممثل المقيم للبرنامج في لبنان، السيد روس ماونتين، أن "الأمم المتحدة تؤمن بأنّ مكافحة الفساد جهدٌ عالمي يعني الجميع، وأنه على كل من الحكومة والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمواطنين الانضمام الى هذا الجهد"، أما في فلسطين، فقد دعم البرنامج شبكات الشباب في تنظيم "فلاش موب" في الجامعات وإعداد فيلم قصير ضد الفساد، وتمّ بثّهما على القنوات التلفزيونية الفلسطينية. يمكن مشاهدة الفيديو الأول على الرابط الإلكترونيhttps://www.youtube.com/watch?v=OTxOLM13QCE&feature=youtu.be أما الثاني فيمكن مشاهدته علىhttps://www.youtube.com/watch?v=KNtjsWqgt_E&feature=youtu.be .
في العراق، دعم المكتب الوطني عددًا من الجهات المعنيّة في الحكومة في رفع الوعي بشأن الحاجة الى وضع قانون استرداد الأموال المنهوبة، وساهم في وضع أسس هذا القانون. أمّا في اليمن، فوفّر مكتب البرنامج الرعاية لمؤتمرٍ نظمّته الهيئة الوطنيّة العليا لمكافحة الفساد، ودعم وضع ورقتين جرى تقديمهما خلال المؤتمر، ركّزت الأولى على دور المجتمع المدني والشباب، والثانية على مكافحة الفساد في البلدان التي تمر بمراحل انتقالية.
بالإضافة إلى ما تقدّم، شارك برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي في العديد من النشاطات التي أُقيمت في بلدان عربيّة أخرى، ففي السعودية، على سبيل المثال، أكّد السيد فراس غرايبة، نائب الممثل المقيم، في كلمته أثناء ندوة نظّمتها هيئة مكافحة الفساد، أنّ "إتفاقيّة الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد تشكّل الأداة العالمية الوحيدة ضدّ الفساد التي لها قوّة قانونيّة الزاميّة (...) وتوفّر عناصر رئيسيّة تشكّل خارطة طريق للعمل ضدّ الفساد"، أما السيدة أنيتا نيرودي، الممثل المقيم في مصر، فقد أوضحت، أثناء حفل إطلاق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، أنّ "الأمم المتّحدة تسعى الى التركيز أكثر على قضايا الشفافيّة والمساءلة في أجندة التنمية لما بعد 2015"، وتمّ التأكيد على هذه الرسالة في الكويت من جانب الممثل المقيم، الدكتور مبشر رياض شيخ، الذي صرّح أثناء احتفالية الهيئة العامة لمكافحة الفساد، أن "الأمم المتّحدة ملتزمة بتعزيز التنمية المستدامة والعادلة لكافة الدول الأعضاء، بحيث يمكن لمجتمعنا العالمي العيش بسلام وأمان" مشدّدًا أن "إشراك الشركاء الوطنيين لدعم الجهود الرامية الى تعزيز الشفافيّة والمساءلة هو في صلب هذه المهمّة".